بيوت الطين ذاكرة الوطن المعمارية

منذ سنة

أ.علي حمود العريفي

عضو مجلس إدارة جمعية سفراء التراث

من يتأمل التراث الوطني الذي تركه لنا الآباء والأجداد والمتمثل في بيوت الطين التي ماتزال آثارها باقية شاهدة على فن بناء المساكن في تاريخ ليس بعيداً بطريقة بسيطة، سيعرف أنها تحمل الكثير من السمات والمعالم المعمارية العبقرية، وسيدرك أن الرواد في المعمار المحلى أبلوا بلاء حسنا في التشييد والبناء ومقاومة عوامل التعرية وتوفير العناصر التي تضمن درجة حرارة مقبولة في ظل ظروف مناخية قاسية وفي زمن لم يكن يعرف التكييف أو المراوح وحتى الكهرباء!!
فقد رسم البناؤون السعوديون في هذه الأزمنة تراثنا المعماري الوطني بهندسة جميلة تنم عن جمال أرواحهم وحبهم للبناء والتشييد في أوطانهم بروح الإبداع والإصرار وتحمل الظروف البيئية، ورسموا لنا صورة متكاملة عن العمارة التقليدية، بكل ما تحويه من عناصر جمالية وزخارف شعبية رصدت ثقافة ذلك الجيل وانجازاته وعكست الظروف المحلية المناخية والجغرافية والاجتماعية، ووفرت حلولاً تصميمية منسجمة مع احتياج الفرد والمجتمع راعت دخول الشمس وحركة الهواء والتهوية بروح هندسية نابعة من البيئة وظروفها واحتياجاتها.
وكوني أحد أبناء منطقة حائل فقد استمعت لكبار السن الذين رووا لنا قصة البناء، والمواد التي كانوا يستخدمونها وتعتمد أساساً على الطين، بعد أن تعالج بطريقة التخمير حيث يصب الماء لمدة ثلاثة أيام على الخلطة الطينية مع خلطها بأعواد التبن حتى تتماسك في اليوم الثالث وتصبح قوية، وكانت منطقة حائل كغيرها من مناطق المملكة زاخرة بالعديد من البيوت الطينية في كل حارات المنطقة القديمة.
ما أحوجنا للدفاع عن هذا التراث العمراني من قلاع وأسوار وقصور ومبانٍ طينية قديمة تحمل الطراز المعماري المحلي في حاراتنا القديمة، وحبذا لو أوليناها الاهتمام الذي يتناسب مع قيمتها العمرانية والتاريخية، والاحتفاظ بنماذج منها في الأحياء باعتبارها شاهدة على فصل من فصول تاريخنا وتراث أجدادنا الذي نعتز به، وعلى الجامعات والمؤسسات الهندسية المتخصصة تقديم دراسات وبحوث مصورة تسهم في إبراز خصائص فن العمارة التقليدية التراثية القديمة في المملكة.